Friday, August 31, 2007

الإرهاب الفكري والسياسي بين الشيوعيين والإسلاميين (الزومة ود. كامل) مثالاً...

الإرهاب الفكري والسياسي بين الشيوعيين والإسلاميين (الزومة ود. كامل) مثالاً...
محجوب عروة
يبدو أننا مازلنا في دوامة الصراع والارهاب الفكري المتبادل بين الشيوعيين والحركة الاسلامية .. فقد قرأت التراشقات التي كتبها الاساتذة عبدالرحمن الزومة ود.كامل إبراهيم حسن بهذه الصحيفة فى الايام الماضية ..
الزومة يرى ويقول في الحزب الشيوعي السودانى والشيوعيين ما لم يقل مالك في الخمر ود. كامل يريد أن يقنعنا بما أطلق عليه الأرثودكسية الإسلامية و بأن إنقلاب 19 يوليو (وليس 17 يوليو كما ورد في مقاله) عمل تقدمي ديمقراطي !!... نفس الصراعات الفكرية والسياسية البائسة بين الاسلاميين والشيوعيين التي دفعت بالسودان الى دوامة الحلقة المفرغة بين إنقلاب و ثورة وإنقلاب فلم نحافظ على نعمة نظامين ديمقراطيين جاءا عقب ثورتين شعبيتين (أكتوبر 1964 وابريل 1985م) أعادا السلطة للشعب وتنسم الشعب عبق الحرية وكان يمكن أن تستمر الديمقراطية لولا هذا الصراع والارهاب الفكري والسياسي المتبادل بين الشيوعيين والاسلاميين منذ ثورة أكتوبر 1964 .. كلاهما (لا يثق) في الآخر بطبيعة الحال و(يخاف) من أن يقوم هذا (الآخر) بالانقلاب ضده ويعتقد أي حركة هى ضده مثلما حدث في كل دول العالم العربى .. فانتهز الاسلاميون فرصة لاحت في ندوة معهد المعلمين العالي عام 1966 ودفعوا بالحزبين الكبيرين (الاتحادي والامة) وبأغلبيتها البرلمانية لخرق الدستور وضرب الممارسة الديمقراطية في مقتل بحل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نواب منتخبين ديمقراطياً من خلال إنتخابات حره شفافه من الجمعية التأسيسية فى أول سابقة من نوعها فى السودان.!!؟ فماذا فعل الشيوعيون ..؟؟ إنتقموا بقوة من خلال نظام مايو الذي أوجدوه ودعموه فسجنوا قادة الاخوان وكثيراً من عناصرهم وصودرت ممتلكاتهم خاصة المطبعة الحديثة ودورهم وصحيفتهم وتمت ملاحقتهم في كل موقع من مواقع الخدمة المدنية خاصة وزارة التعليم والجامعات التي كانت تفرخ قياداتهم و كوادرهم ..
لقد دفع الصراع بين الاسلاميين والشيوعيين حزبيهم وبلادهم ليس الى مواقع الفوضى وحسب بل انتهت بلادنا الى دخول قوات أممية قوامها في طول البلاد وعرضها أكثر من اربعين ألف جندي (في الجنوب وجبال النوبة وقريباً دارفور) نعم هذا ما حصدته البلاد بصراع الفيلة والديوك (الحمراء والبيضاء)!! ..
كان يمكن ببساطة كما حاول الدكتوران المستنيران عبدالله علي ابراهيم (شيوعي سابق) والطيب زين العابدين (إسلامي منظم سابق) .. أن يجريا حواراً هادفاً بين قطبي الرحى ومصدر الفوضى السياسية في البلاد (الشيوعيين والاسلاميين) عقب إنتفاضة ابريل 1985م ليس لتوافق عقدي أو فلسفي أو فكري ، فربما ذلك مستحيل استحالة ( الغول والعنقاء والخل الوفي) ، ولكن ببساطة من أجل ترسيخ نظام ديمقراطي رشيد ومستدام يتيح للإثنين بل للجميع فرصا عادلة ومتساوية وشفافة لتكريس صفقة تاريخية تجعل من الممارسة السياسية في السودان شيئاً متحضراً وتوقف النزيف السياسي والدورة السياسية الخبيثة فماذا فعل هؤلاء القادة (العباقرة) في قيادة الحزبين العقائديين المتطرفين الذين ظلوا حتى الزومة ود. كامل يمارسون علينا الارهاب الفكري والسياسي ويصّرون أنهم على حق .. نفس العبارات القديمة التي كنا نتصارع بها في الستينيات ونحن نمارس الشقاوة الفكرية والسياسية .. الاسلاميون يقولون : الشيوعيون السودانيون ملحدون وعملاء وديكتاتوريون (ثلاثية ثابتة) والشيوعيون يصّرون على (رجعية وعمالة) الاسلاميين للانظمة العربية التقليدية ولأمريكا (طوابع ثابتة أيضا) ..ولكن بقليل من الذكاء نكتشف أخيرا أن ثمة مياهاً كثيرة قد جرت تحت جسور السياسة السودانية بل العالمية فهل يمكن مثلاً أن نصنف الاسلاميين اليوم بأنهم عملاء لأمريكا والغرب وهم الآن موضع حربها .؟؟ وهل يمكن للاسلاميين أن يصنفوا الشيوعيين مثلاً بأنهم ملحدون .؟؟ لا هذا ولا ذاك إذ إتضح من واقع السلوك أن شيوعيي السودان لم يكونوا ملحدين ولا حتى عملاء لموسكو بل كانت نشأتهم بتأثر مباشر بالفكر الاشتراكي العالمي الكاسح حينها بل إتضح أن الحزب الشيوعي السوداني كان الاكثر إستقلالية في علاقته مع الاتحاد السوفياتي كما أكد لي الاستاذ أحمد سليمان (الزعيم الشيوعي السابق) وبأن أفكار البرسترويكا التي بشر بها الزعيم الروسي غورباتشوف في الثمانينيات وأدت الى تفكك الاتحاد السوفياتي كان يبشر بها زعيم الحزب الشيوعي السودانى عبدالخالق محجوب في كل مؤتمر شيوعي داخل عرين الاسد (موسكو).
الآن الشيوعيون من أكثر دعاة الديمقراطية والحرية بعد أن ذاقوا مرارة الحرمان منها، ( أما الاسلاميون فلا يمكن تصنيفهم كما قلت بالعمالة لأمريكا وليسوا رجعيين بالمفهوم الشيوعي .. صحيح أن لهم أخطاءهم عندما حكموا وكذلك للشيوعيين أخطاؤهم خاصة عندما حكموا في مايو والافضل للاثنين ولوطنهم السودان- لو فهما وعقلا- أن يتجاوزا حالة المراهقة الفكرية والسياسية الحالية الى مرحلة أكثر رشداً وحكمة خاصة وزعاماتهم وقياداتهم التي كانت شابة فى الستينيات هي الآن في خريف العمر فليتركوا لمن يخلفهم حكمه الشيوخ.. أليس كذاك؟.

No comments: