Sunday, August 12, 2007

صراع المناصب وحسابات المصالح:اتفاق الشرق.. ما بعد توزيع (كيكة) السلطة!!

صراع المناصب وحسابات المصالح:اتفاق الشرق.. ما بعد توزيع (كيكة) السلطة!!


وقت قليل تبقى لحضور قادة الشرق من اسمرا للخرطوم وبعدها سيتحدد مصير ومستقبل اتفاق الشرق، وثارت اسئلة كثيرة منذ التوقيع الذي تم في اسمرا في 14 اكتوبر 2006م حول الخلافات وصراع المناصب وحساب المصالح وكيفية توزيع كيكة السلطة.
*المناصب التى جاءت بها الاتفاقية هى لخدمة أهل الشرق وليست لخدمة شاغريها يجب أن لا تشغلنا الغنائم لأن المناصب تكليف لا تشريف
* بإمكان طرفى الاتفاق معالجة التحديات والعقبات والخلافات بتفعيل آليات فض النزاعات والتى نصت عليها الاتفاقية
تقرير: عادل كرار



تداعيات الصراع
ولتلمس هذا الواقع طرح المراقبون اسئلة كثيرة ماذا سيحدث لاحتواء التداعيات التي افرزتها صراعات المناصب خاصة في الولايات؟ وهل ستطبق كل بنود اتفاق الشرق بعد حضور قادة الشرق؟ وهل تم التراضي حول المناصب الثلاثة وهي مساعد رئيس الجمهورية، ومستشار رئيس الجمهورية ووزير الدولة في الحكومة المركزية الاتحادية؟ وهل تم التراضي حول النواب الثمانية الذين تم تعيينهم بالبرلمان (المجلس الوطني).
اتفاق السلطة
وكان اتفاق السلطة قد نص على تأسيس مجلس تنسيق لولايات شرق السودان منوط به التنسيق بين الولايات الثلاث البحر الاحمر وكسلا والقضارف ويتكون المجلس من 15 عضواً هم: حكام الولايات ورؤساء المجالس التشريعية وثلاثة اعضاء من جبهة الشرق و6 اعضاء آخرين يتم اختيارهم بواسطة مجلس التنسيق ونصت على تمثيل جبهة الشرق في مستويات الحكم الولائي والمحلي وكافة المؤسسات بما فيها مؤسسة الرئاسة والجهاز التنفيذي والتشريعي والقضائي والقوات المسلحة والأمن والخدمة المدنية والمؤسسات الاكاديمية القومية والمفوضيات مع الاخذ في الاعتبار عند التمثيل حجم سكان الشرق، درجة التهميش، معايير وسياسات التمييز الايجابي.
المستوى المركزي
ونص الاتفاق على تعيين مساعد لرئيس الجمهورية ومستشار لرئيس الجمهورية اضافة الى وزير دولة مركزي بالاضافة الى المنصبين الوزاريين اللذين يشغلهما مواطنان من شرق السودان حالياً بمجلس الوزراء اضافة الى تعيين 8 اعضاء من جبهة الشرق بالمجلس الوطني ومستشار في حكومة العاصمة القومية (الخرطوم) وتمثيل مواطني الشرق في المحكمة الدستورية والمحكمة العليا والمحاكم الاخرى والجهاز القضائي والخدمة المدنية وتمثيل مواطني الشرق في المستويات الوسطى والعليا في مناصب وكلاء الوزارات والسفراء والوظائف الحكومية العليا.
المستوى الولائي
ونص الاتفاق على المستوى الولائي للحكم ان تقوم جبهة الشرق بترشيح نواب ولاة في كل من لاية كسلا والقضارف ووزير واحد في ولاية البحر الاحمر ومستشار في كل من الولايات الثلاث وبتعيين ثلاثة متعمدين في كل ولاية.
توقع وتحديد
توقع الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل إكمال وحسم ملفات المشاركة السياسية في السلطة في اطار اتفاق الشرق على مستوى الولايات، حيث سيتم اعلان التعيينات بولايتي القضارف وكسلا على المستوى التشريعي والتنفيذي بعد اكتمال المشاركة وحسم مسألة البحر الأحمر بعد التنسيق بين قيادات جبهة الشرق والوسيط الاريتري، واوضح ان الترتيبات تجري الآن من اجل تحديد موعد قاطع لوصول قيادة الجبهة الى الخرطوم في منتصف شهر اغسطس الجاري.
تحديات وعقبات
لكن بعض المراقبين اشاروا الى ان هناك تحديات وعقبات تعترض تنفيذ اتفاق الشرق خاصة في ما يتعلق بملف الثروة ومواجهة الثالوث القاتل في الشرق المتمثل في الجهل والمرض والعطش وكيفية توفير الأموال المتعلقة بتأسيس صندوق البناء والإعمار والتنمية بالشرق والتي تبلغ 600 مليون دولار على مدى خمس سنوات، من اجل تفصيل مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة لتوفير الفرص للسكان المحليين وتنمية الثروة القومية بالمنطقة الساحلية واعادة تأهيل الخدمة الاجتماعية وتنمية البنى التحتية وتأهيل المناطق التي تأثرت بالحرب وبناء القدرات البشرية والمؤسسية وازالة الفقر واعادة تأهيل وتنمية الزراعة والصناعة والسياحة وصناعة الاسماك وتشجيع الاستثمار وخلق فرص العمل وحماية البيئات المهددة ومعالجة مشاكل النازحين واللاجئين ويجب ان لا تتعارض برامج صندوق الاعمار والبناء مع مشاريع التنمية القومية التي تتم على مستوى الحكومة المركزية اضافة الى نصيب شرق السودان في الدخل القومي، اضافة الى تنفيذ تعهدات الحكومة المركزية بتوفير 100 مليون دولار امريكي كل سنة للأعوام 2008 و2009 و2010 و2011 لمواجهة التزامات صندوق الإعمار.
اختلاف وجهات النظر
وحول كيفية احتواء الخلافات حول المناصب قال عبدالله كنه القيادي بجبهة الشرق لـ(السوداني) ان الورشة التي عقدت بأسمرا في يوليو الماضي هدفت لمعالجة الخلافات حول ملف السلطة بصورة علمية والعمل بطريقة مؤسسية لتفعيل البناء السياسي الذي يساهم في اذابة الخلافات ومعالجتها.
وكان عبدالله كنة قد نفى تأثير اختلاف وجهات النظر على مسيرة تنفيذ اتفاق الشرق معترفاً بحدوث اختلاف وجهات النظر حول تسمية المناصب، موضحاً ان الخلاف انحصر في أيهم الأنسب ولم تكن هناك اي منطلقات او ابعاد قبلية او حزبية، مشيراً الى ان الاسماء التي طرحت وتم الاختلاف عليها فيها عامة من كل الفعاليات والكيانات من مؤتمر البجا والاسود الحرة وقبائل الشرق عامة ولم تكن هناك محاصصة او محاولة لاحتكار مكاسب.
المصالح الشخصية
وكانت دكتورة آمنة ضرار نائب رئيس جبهة الشرق قد اعترفت في حديث لصحيفة الصحافة بوجود تهافت على المناصب بعد توقيع اتفاق اسمرا، ودعت إلى احتواء هذا الأمر لأن المناصب التي جاءت بها الاتفاقية هي لخدمة اهل الشرق وليس لخدمة شاغريها، واضافت من يحمل المنصب عليه ان يعي بأنه منوط به مسؤوليات قومية ومحلية تستوجب ان يكون في خدمة الأمة، اذ ان السلطة ليست لتكملة الوجاهة لدى طالبيها وانما لتقديم الخدمات لمن وافق ان يحمل الأمانة لمراعاة مصالحهم. وذكرت الدكتورة آمنة ضرار نائب رئيس جبهة الشرق لرويترز ان الخلافات في جبهة الشرق وسوء التنظيم في صفوفها ساهما في تأخير تنفيذ اتفاق السلام، وأوضحت انه عند البدء في تأسيس جبهة الشرق لم يجر الانتهاء من وضع التسلسل الهرمي للمناصب ومن اعداد المؤسسات والبرنامج السياسي، واشارت إلى ان المصالح الشخصية ارجأت تنفيذ اتفاق السلام.
وفي سياق متعلق بالخلافات حول المناصب قلل عبدالله موسى الناطق الرسمي باسم مؤتمر البجا والشرق في حديث لـ(أخبار اليوم) من قضية الخلافات وسط الجبهة وقال ان مؤتمر البجا الاخير اجاز اتفاقية أسمرا للسلام بين جبهة الشرق والحكومة، مشيراً إلى ان المؤتمر رفع عضوية اللجنة المركزية لمؤتمر البجا الى 25 عضواً، وقال ان مؤتمر جبهة الشرق الاخير أيضاً قد اعاد توحيد الجبهة، مبيناً ان المؤتمر حضرته كل فعاليات وكيانات وقبائل الشرق، مؤكداً مشاركة ابناء الشمال بولايات الشرق والقبائل الاخرى، واضاف ان المؤتمر قرر رفع اللجنة المركزية لجبهة الشرق من 32 عضواً إلى 49 شخصاً وكلفت هيئة القيادة التي تتكون من الرئيس ونائبه الدكتورة آمنة ضرار والأمين العام مبروك مبارك سليم بتكوين اللجنة المركزية مع مراعاة تمثيل كل الكيانات والتنظيمات المكونة للجبهة.
عوائق ومطبات
وكان المحلل السياسي محمد جمال عرفة قد اشار في ابريل الماضي نقلاً عن المركز السوداني للخدمات الصحفية الى ان هناك عوائق كثيرة امام سلام الشرق على رأسها عوائق ومطبات التدخلات الاجنبية الغربية والامريكية التي تتصل بمصالح استراتيجية في القارة الافريقية تدعو إلى اعادة تقسيم او توزيع هذه المناطق الشاسعة، وأثار الكاتب المحلل مسألة الاستراتيجية الامريكية لحلف قرن افريقي موازٍ للشرق الاوسط الجديد، وقال ان العقبة الثانية تتمثل في بقاء بعض القوى المتمردة خارج اتفاقات السلام، مشيراً الى انه على سبيل المثال لم يكد اتفاق الشرق يوقع حتى اعلنت ما تسمى (الحركة الوطنية لشرق السودان) تحفظها حيث اعلن أمين محمد طاهر عضو القيادة العليا وامين الاتصال التنظيمي والسياسي بهذه الجبهة ان اتفاق اسمرا لا يشكل إلا خطوة جزئية في اتجاه الحل السياسي الشامل لمشكلة شرق السودان وان ما تم لن يؤدي إلا إلى تهميش قطاعات مهمة في شرق السودان بحيث يقصيها ويعزلها.



المناصب تكليف لا تشريف
من جهته اوضح الدكتور محمد المعتصم موسى رئيس جبهة الشرق بولاية القضارف ان جوهر الصراع فى شرق السودان سببه التهميش السياسي والاجتماعى ووجه اتهامات الى مبروك مبارك سليم والدكتورة آمنة ضرار بتحويلهما جبهة الشرق الى تجمع قبائل وانهما ضاعفا اعداد بعض القبائل وتجاهلا قبائل اخرى فى الترشيحات لمؤتمر جبهة الشرق. وقال ان اختيار الاسماء للمناصب يجب ان يتم على قاعدة الولاء وليس المكاسب ويجب ان لا تشغلنا الغنائم لان المناصب تكليف وليست تشريفاً.
أيادٍ خفية وراء الخلافات
وكان الامين العام لجبهة الشرق الدكتور مبروك مبارك سليم قد اكد فى مؤتمر صحفي انه لا يوجد خلاف ايديولوجي بين مكونات جبهة الشرق، مشيراً الى ان هناك ايادي خفية تحاول خلق خلاف داخلى، مشيراً الى انه تم الاتفاق على تكوين اللجنة المركزية لجبهة الشرق من 49 عضوا ويتم تكوينها بواسطة القيادة الثلاثية المكونة من موسى محمد احمد ودكتور آمنة ضرار ودكتور مبروك سليم.
وعلى الرغم من ان بعض المراقبين قد ابدوا مخاوف من تأثير الخلافات على مسيرة اتفاق الشرق الا ان بعض المحللين اشاروا الى انه بإمكان طرفى الاتفاق الحكومة وجبهة الشرق معالجة التحديات والعقبات والخلافات بتفعيل آليات فض النزاعات والتى نصت عليها الاتفاقية فى حالة الخلافات المتعلقة بالتنفيذ وفى حال النزاع حول تفسير او تطبيق الاتفاق يمكن احالة الامر الى المحكمة الدستورية او الى لجنة ثلاثية تتكون من الحكومة وجبهة الشرق وحكومة اريتريا.
معطيات ومؤشرات
ولكن بعد كل المعطيات والمؤشرات والوقائع الآنفة الذكر يبقى السؤال الكبير قائماً؛ هل تتم معالجة تداعيات الصراع على المناصب بصورة عملية على ارض الواقع حتى يتم تطبيق الاتفاق على ارض الواقع بصورة سليمة؟ هذا ما ستجيب عليه مستجدات الاحداث فى الفترة القادمة.

No comments: