Monday, August 27, 2007

دمج اللاجئين الأريتريين بين طرح المفوضية والرأي المحلي

دمج اللاجئين الأريتريين بين طرح المفوضية والرأي المحلي
تقرير: علي ميرغني
في الأسبوع الماضي قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إنها تجري مباحثات مع الحكومة السودانية لأجل دمج اللاجئين الأريتريين في المجتمعات المحلية. ويبلغ عددهم (130) ألف لاجئ. الدمج يعني منح حقوق المواطنة للاجئين. ويعني تحول كبير في التركيبة السكانية في المجتمعات المعنية. ويرى بعض الخبراء أن هذا يعد بمثابة قنبلة موقوتة لأن عملية الدمج تجد الرفض من قادة القبائل وبعض المسؤولين.
طرح المفوضية السامية
اتصلنا بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، الآنسة آنيت ريرل، التي أكدت الخبر وأن المستهدفين اللاجئين الأريتريين الذين ظلوا بالسودان لثلاثة عقود، ولخصت حلول اللجوء في: العودة الطوعية، ولم تجد استجابة اللاجئين، أو اعادة التوطين في بلد ثالث، ووجدت عزوفاً من المجتمع الدولي في هذا الخصوص، لذا سعت المفوضية للخيار الأخير وهو دمج اللاجئين في المجتمعات المحلية. أى دمج حوالى (130) ألف لاجئى في ولايات البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، وسنار، والجزيرة.
معتمد اللاجئين: الدمج غير مطروح
اتصلنا بالدكتور كمال الأغبش، معتمد اللاجئين، الذي أوضح أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لديها استراتيجية معينة لمعالجة اللجوء المتطاول (فترات طويلة) عبر الدمج في المجتمعات المحلية لتخفيف الصرف على اللاجئين "إلا أننا قلنا لهم، وما زلنا نقول إن السياسة السودانية تقوم على تمكين اللاجئين على الاعتماد على أنفسهم، إلى أن تصبح الأوضاع في بلدهم مناسبة لعودتهم طوعاً (ولا نطرح خيار الدمج في الممجتمعات المحلية)". وأكد استمرار دخول لاجئين أريتريين يوميا الى القضارف وكسلا. وأشار الاغبش إلى أن الدول الأخرى التي توافق على توطين اللاجئين بها "تنتقى صغار السن وتترك العجزة والمرضى بالسودان".
رأى أهل الوجعة
تتأثر بالأمر خمس ولايات سودانية، البحر الاحمر، والقضارف، وكسلا، وسنار، والجزيرة. لذا استطلعت (السوداني) بعض قادة المجتمع هناك. حيث أبدى ناظر عموم قبائل الهدندوة، سيد محمد محمد تِرك، رفضهم توطئين لاجئي ارتيريا في مناطقهم، مشيراً إلى أن ترسيم حدود أراضي القبائل (الحواكير) تم منذ العهد التركي. واعتبر ان المفوضية السامية لا تملك حق سودنة الأريتريين (مع احترامنا للأريتريين). واستنكر بشدة أي محاولة لتوطينهم في أراضي الهدندوة، إلا أنه أقر بوجود علاقات اجتماعية وأسرية بين القبائل الحدودية في البلدين، واستبعد أن يكون اللاجئون من غرب أريتريا المعرفوين بـ(الحدارب). وطالب ناظر الهدندوة الحكومة السودانية بضرورة الاهتمام بالسجل المدني والتدقيق في منح الوثائق الثبوتية. ولم يخالف ناظر الأمرأر رأي ناظر الهدندوة، حيث رفض فكرة التوطين وناشد الحكومة الاتحادية عدم الاستجابة لأي ضغوط خارجية، مبدياً تخوفه من أن يكون الأمر "فاتورة تسددها الحكومة لأرتيريا" نظير وساطتها في ملف الشرق.
حكومات الولايات: الأمر اتحادي
كان لا بد من معرفة وجهة نظر حكومات الولايات المتأثرة بالأمر. ولتعذر الوصول إلى السيد نائب والي البحر الأحمر بالإنابة، اللواء هاشم علي عمر، سألنا وزير الشؤون الاجتماعية بالولاية، حامد صالح السماني، الذي نفى علمه بالأمر، واعتبر أن الموضوع "شأناً اتحادياً يهم الحكومة المركزية"، على الرغم من أن ولايته أول المتأثيرين بالأمر في حال موافقة الحكومة المركزية عليه، أيضا إتصلنا بأمين حكومة ولاية الجزيرة، السيد عبد الكافي، الذي اعتذر عن الإجابة "لعدم أداء الحكومة الجديدة القسم".
الرأي القانوني والأمني
ذهبنا بنفس السؤال إلى الأستاذ كمال عمر عبد السلام، أمين الأمانة العدلية في حزب المؤتمر الشعبي، الذي أكد على أن لا قوة خارجية تملك حق طلب أو فرض منح الجنسية السودانية، واعتبر أن الجنسية تعبر عن الانتماء الوطني وتصدر حسب ضوابط معينة وضعها المشرِّع السوداني. وأشار إلى عدم قانونية منح الجنسية لهؤلاء اللاجئين "لأنهم لم يدخلوا بغرض الاقامة". وحذّر من أن دمجهم في المجتمعات المحلية سيغير التركيبة السكانية، مشيراً إلى أن المفوضية السامية "ليست لها الولاية على الحكومة"، وعلى الحكومة الإنتباه إلى ضرورة الحفاظ على النسيج الاجتماعي السوداني، إلا ان الأستاذ كمال أشار إلى أنه يرفض التعصب الأعمى للجنسية السودانية "مع ضرورة عدم تمييع تركيبة المجتمع السوداني".
وأكد خبير أمني أن تبعات الأمر تمتد إلى أجيال قادمة، من حيث الولاء للوطن الأم وامكانية نشوء أغلبية أرتيرية في المناطق المعنية بالأمر، وذكر بالحديث سراً عن أن كسلا أراضٍ اريترية، لذلك طالب باعتبار ان الأمر "خط أحمر غير قابل للنقاش أصلاً".
يظل السودان أشتهر بإكرام وفادة كل من يلجأ إليه، هرباً من حرب، لكن إذا كان الأمر بأعداد قليلة تذوب في المجتمع السوداني ولا تؤثر عليه، إلا أن المشروع المطروح الآن يشكل تهديداً أمنياً، والمطلوب الآن من الجهات المعنية بالأمر أخذ الأمر من كل جوانبه ومشاورة المتأثرين به مباشرة.

No comments: