Sunday, September 16, 2007

العلاقات الارترية السودانية كتبها مصطفى محمد كردي

العلاقات الارترية السودانية كتبها مصطفى محمد كردي

مصطفى محمد كردي (15/12/2002م)
لا شك ان الذي يربط شعبنا الارتري بتوامه الشعب السوداني يتجاوز اعتبارات الجوار والحدود المشتركة والتاريخ المشترك والمصير المتطابق الى ما هو ابعد من ذلك بكثير . وقد يندرج فيما يطلق عليه علماء الاجتماع بالعلاقات الاجبارية على غرار علاقة الابن بابويه .

ومنذ سنوات طويلة كتبت عدة مقالات في مختلف الصحف السودانية عن العلاقات الارترية السودانية بصورة توثيقية . كما كنت اكتب كل شهر بيلوغرافيا تحت عنوان ( القضية الارترية في الصحافة السودانية ) ارصد من خلالها ما كتب عن الثورة والشعب الارتري في الصحافة السودانية . وقد اعتمدت فيما كتبت عن العلاقات الارترية السودانية على ما وعته الذاكرة وعايشته شخصيا في السودان وهو ثر وكثير, بالاضافة الى عملي في اعلام الثورة الارترية وتعاملي عن قرب مع العديد من الرموز الذين صنعوا تاريخنا السياسي والادبي وياتي في مقدمتهم الشهيد المناضل الاستاذ عثمان صالح سبي فضلا عن معرفتي ولقاءاتي الكثيرة مع العديد من الرواد الذين ساهموا في توطيد هذه العلاقات من الارتريين والسودانيين على حد سواء , حتى غدت القضية الارترية هما من هموم الشعب السوداني ابان فترة نضال شعبنا ضد الاستعمار الاثيوبي البغيض , ياتي في مقدمة من استفدت من معلوماتهم في هذا الاطار المناضل الكبير المبدئي الاخ احمد سويرا الذي لا يزال قابضا على جمر النضال حتى اليوم رغم متاعبه الصحية ومصاعب الحياة الجمة الاخرى التي يكابدها المناضلون الحقيقيون , والمناضل سويرا احد انشط اعضاء حركة تحرير ارتريا في الخرطوم منذ تاسيسها في عام 1958 م , وقد اعتقلته سلطات امن حكومة الرئيس عبود وسلمته الى السلطات الاثيوبية , الا انه تمكن من الهرب من داخل الاراضي الارترية ليعود مرة اخرى الى السودان ويمارس دوره النضالي المقدر , وقد لعب هذا الرجل دورا كبيرا في خلق راي عام سوداني مؤازر للقضية الارترية من كبار المثقفين في الخرطوم وباقي مدن السودان الشئ الذي توج بميلاد جمعية الصداقة السودانية الارترية بالخرطوم والتي كانت تضم المع نجوم المجتمع السوداني من المحاميين والقضاة والصحفيين والاطباء بل والوزراء , ومنذ فترة ليست بالقصيرة ربطتني علاقات وطيدة مع الكثيرين من ابناء السودان لا ارى باسا من الاشارة الى بعضهم على راسهم الصحفي الكبير الاستاذ رحمي محمد سليمان والصحفي الكبير سيد احمد خليفة احد اكبر المناصرين لقضية ارتريا وشعبها , وقد عبر عن مناصرته منذ اكثر من ثلاثين عاما حينما اصدر كتابه ( ارتريا جزائر الساحل الافريقي ) في عام 1967 م كذلك الاستاذ الباقر احمد عبدالله الذي تعرف على القضية الارترية منذ نعومة اظفاره واصبحت هما من همومه وقد كان اخر من التقى الزعيم سبي قبيل وفاته بساعات .

ولا زلت اذكر ما كتبه سفير اثيوبيا في السودان السيد ملس عندوم الارتري الاصل والسوداني المولد , وقد كتب مقالا بجريدة الايام السودانية تحت عنوان ( البيتو من قزاز ما يجدع الناس بالحجار ) , المح فيه الى ان السودان الشعبي والرسمي عليه ان لا يساعد الارتريين الساعيين الى تفتيت وحدة اثيوبيا والا فان اثيوبيا ستعامل السودان بالمثل مشيرا الى مشكلة جنوب السودان . وفي اليوم التالي رد عليه رائد الصحافة السودانية والعربية الاستاذ عبدالله رجب بمقال رائع ومباشر تحت عنوان ( البيتو من قزاز منو ؟ ) عدد فيه مشاكل اثيوبيا كالارومو والتقراي والصوماليين وغيرهم من المجموعات الاثيوبية المضطهدة عدا قضية الديموقراطية التي تواجه كل اثيوبيا . وبعد اكثر من عشرين عاما على نشر هذه المقالة نشر الصحفي الكبير بشير محمد سعيد في عموده اليومي مقالة تحت عنوان ( ارفعوا ايديكم عن ثوار ارتريا ترفع اثيوبيا يدها عن قرنق ) وقد تصديت لهذه المقارنة من خلال عدة مقالات غاضبة في صحيفتي الامة والراية , وفي اليوم التالي خصصت كل الصحف السودانية على كثرتها افتتاحياتها للحديث عن عدالة القضية الارترية واختلافها عن مشكلة جنوب السودان . وقد استفادت القضية الارترية ابان الفترة الحزبية 85 – 1989 م من الجو الديمقراطي وحققت حضورا اعلاميا ودبلوماسيا مقدرا .

ولاشك ان التاريخ بصورة توثيقية للعلاقات الارترية السودانية شئ هام جدا الا ان الاهم منه فيما ارى هو التركيز على مستقبل هذه العلاقة وعدم الجمود في الماضي او حتى الحاضر , فقد حققت القضية الارترية وجودا في مختلف الحقب السودانية فعلى سبيل المثال ناصبت حكومة الفريق عبود الثورة الارترية العداء 1958 – 1964 م الا ان انتصار الارادة الشعبية عليها في اكتوبر اوجد للقضية الارترية مناخا ايجابيا كبيرا رغم الاخطاء الكبيرة التي ارتكبتها حكومة السيد الصادق المهدي ا لاولى . وبعيد وصول الجبهة الاسلامية في السودان للسلطة من خلال تحالفها مع الانقاذ قدمت للقضية الارترية خدمات جليلة واسهمت بصورة فعالة في الانجاز التاريخي الذي حققه شعبنا وتوج باعلان الاستقلال الوطني في 24 مايو من عام 1991م ووصول الجبهة الشعبية الى سدة الحكم , وقد ربطت الشعبية علاقات وطيدة بحكومة السودان وتعامل السودان بصورة حبية وعاطفية مع الحكومة الارترية , وقامت اجهزته الامنية باغلاق مكاتب الفصائل الارترية المعارضة واعتقال قادتها ومصادرة اسلحتها . كل ذلك بهدف تحييد ارتريا من الصراع الذي تخوضه حكومة الخرطوم ضد متمرديها في الجنوب , وتعاملت الحكومة السودانية بقلب مفتوح مع حكومة ارتريا وتجاوزت الاعراف الدبلوماسية ولم تترك هامشا للمناورة او اية اوراق ضغط بعد ان وضعت كما يقولون كل البيض في سلة واحدة , ولم تستمع الى الاصوات العاقلة التي ظلت تردد صباح ضحى ثعلبية النظام في ارتريا واجندته الفئوية والتي تضع الشعبين في بوتقة عدائية واحدة , وقد صرح رئيس ارتريا اكثر من مرة ان الحرب مع السودان من مقتضيات التنمية في ارتريا وهي تنمية – كما نظن – روحية صليبية يغذيها حقد تاريخي ممتد عاشته عموم المنطقة من قبل معركة القلابات الشهيرة . وقد تعاملت الحكومة السودانية مع تطورات الاوضاع في ارتريا والتهميش الذي مورس ضد الشعب الارتري من قبل حكومة اسياس الاتوقراطية الشوفينية بصورة فوقية وكان الامر لا يعنيها , في حين ان الاوضاع في ارتريا تؤثر على السودان سلبا وايجابا لكون ارتريا وبحق امتداد جغرافي وعمق استراتيجي تمس ظواهر الحياة فيها السودان بصورة مباشرة , وبعد الاعتداءات الاخيرة في شرق السودان بدأ السودان في التعامل الى حد ما بالمثل مع حكومة ارتريا وهو الشئ الذي نامل ان يتواصل من اجل مصلحة الشعبين واستقرار المنطقة ولا بد من التركيز على اهمية التفكير الاستراتيجي بين المعارضة الارترية والحكومة السودانية بهدف التخلص الحكومة الديكتاتورية الجاثمة على شعبنا ليتفرغ بعد ذلك البلدين الى التمنية وشق افاق مستقبلية لرفاهية الشعبين وللحؤول دون تفاقم المشكلات وتجاوزها للاطار الاقليمي . ونامل ان لا تنسحب ممارسات حكومة اسياس الانعزالية على ابناء شعبنا الموجودين في السودان او خارجه . ولا بد من التاكيد هنا على ان شعبنا الارتري وقواه الوطنية قادرون على اسقاط هذا النظام البغيض ودفن احلامه التوسعية في المنطقة الى الابد ليتفرغ بعد ذلك شعبينا لتجسيد معاني حسن الجوار والتامين المتبادل والتحديد الدقيق والحقيقي للمصالح المشتركة وامكانيات ونطاق التعاون والتنسيق وانشاء اليات دائمة وفعالة لتطويق وحل ما يمكن ان يثور من مشكلات وتوتر بين البلدين وحلها في اطار من الود والعقلانية .

وعاشت العلاقات الارترية السودانية والمجد كل المجد لشعبينا وصلى الله وسلم على نبينا محمد

1 comment:

Anonymous said...

Hello. This post is likeable, and your blog is very interesting, congratulations :-). I will add in my blogroll =). If possible gives a last there on my blog, it is about the Impressora e Multifuncional, I hope you enjoy. The address is http://impressora-multifuncional.blogspot.com. A hug.