Saturday, September 1, 2007

شرق السودان.. بين المطرقة والسندان

شرق السودان.. بين المطرقة والسندان
محجوب عروة
اتفاق اسمرا بين الحكومة ومعارضي شرق السودان فتح الفرصة لسد هذه الثغرة المهمة في هذا الوطن الشاسع المتنوع والمتعدد فى كل شئ.. وفتح الباب من أجل التوزيع العادل للسلطة والثروة وتنمية هذا الإقليم الذى ظل مهمشاً منذ الاستقلال رغم أنه ثغر السودان الأوحد، ومصدر الإنتاج الزراعى الوفير والمتنوع، ومخرج البترول الى العالم، ومصدر الذهب.. هذا غير الثروات الكامنة التى لم تستثمر بعد، والتى يمكن أن تجعل هذا الإقليم، بل كل السودان، بلداً غنياً ومصدر ثراء للكثيرين.
غير أن ذلك لن يتم إذا تحول اتفاق الشرق إلى قميص عثمان، وتفاقمت الصراعات بين المكونات القبلية والجهوية لهذا الإقليم المهم الذي يتمتع أهله بجذور حضارية ضاربة في القدم، والذي استطاع أن يجذب أهل السودان كافة فانصهروا فيه وقدموا كل خبراتهم وإمكاناتهم المادية والمعنوية للارتقاء به، فبرزت العواصم التي احتضنت الحركة الوطنية وكل التطورات السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللاحقة.
ورغم أن الحكومة قد شرعت في تنفيذ اتفاق الشرق مؤخراً على المستوى القومي والاقليمي والمحلي، الا أن ثمة بوادر انشقاق عميق ظهرت الى السطح عقب الاتفاق، الأمر الذي عطل التنفيذ وأصبح المتضرر الوحيد من ذلك هو إنسان الشرق الذي ضحى وساند قضيته، بل استشهد من أجهلها كثيرون.. ما هي المصلحة في هذا التناحر والرفض والصراع حول اتفاق الشرق؟ هل هو الطموح الشخصي؟، أم القبلي؟ أم التدخل الخارجي الذى أطل برأسه مما يهدد بأن تصبح الاتفاقية مجرد ورقة لا تساوى الحبر الذي كتبت به.. بل سيعصف بها حتماً ويصبح الصراع الجديد ليس بين حكومة الإنقاذ ومتمردي الشرق، بل بين أصحاب القضية أنفسهم، وقد يحملون السلاح ضد بعضهم أو يلجأ بعضهم الى دعم خارجي بحكم الامتداد القبلي بين السودان وجيرانه.. وهذه المنطقة (منطقة القرن الأفريقي) اصلاً مهددة بعوامل أخرى وأصبحت قابلة للاشتعال في أي لحظة.. والمتضرر من صراع الأفيال هذا هم المواطنون الفقراء خاصة والجوعى والمرضى فتذهب الأموال الى دعم الصراعات بدلاً من المدارس والمستشفيات والبنيات الأساسية والمشروعات الاستثمارية.
يا أهلنا في الشرق.. الاتفاقية وحدها لا تكفي.. والهتافات وحدها لن تعمر بلادكم... ونسألكم: ماذا استفاد أهل دارفور من صراعاتهم غير هذا الشقاق الذي يتولد يومياً بسبب رفض أبوجا وماذا جنوا منها غير النزوح والشتات والتخلف؟.. وأخيراً.. اخيراً قوات دولية!! لا ندري متى تنتهي.. هل تريدون مثل ذلك؟!!

No comments: