Wednesday, September 5, 2007

حول الاتفاق بين حركة جبهة الشرق

حول الاتفاق بين حركة جبهة الشرق
وحكومة الوحدة الوطنية ( المؤتمر الوطني )

جدير بالذكر ، إن الشعب السوداني عانى كثيرا من ويلات الحروب الداخلية والتي امتدت من 1955 حتى 1972 ، بالتمرد الأول و توقفت إثر اتفاقية أديس أبابا ، واشتعلت أوارها مرة أخرى بارتداد حكومة مايو عن الاتفاقية بإعلانها للتشريعات الإسلامية في أغسطس 1983 . واستمرت حتى أوائل 2005 .
وإثر الاتفاق بين الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان توقفت الحرب في الجنوب . ولأنها اشتعلت من خلال الحراك السياسي المطلبي في شرق السودان وفي غرب السودان لا زالت أوار الحرب مشتعلة بشكل وآخر في غرب السودان على الرغم من القرار الأممي بالتدخل الإداري والعسكري لمصلحة الشعب في دار فور وكبح جماع ميلشيات الجبهة الإسلامية في المنطقة . وإذا رجعنا للوراء قليلا لمعرفة أسباب الحرب الشاملة والتي غطت مساحات واسعة من السودان ، نجد أن أسبابها تتمثل في :
1- العزل السياسي والتغييب للإنسان في غرب وشرق وجنوب السودان وحتى وسطه في أن يمارس حقه الطبيعي في إدارة شئونه الاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية .
2- التهميش وفرض الوصايا من مثلث الوزير الأسبق للمالية دكتور عبد الرحيم حمدي .
3- عدم الاعتراف بالتعدد الإثني والثقافي ، إذ أننا نجد أن السودان ما يقارب 102 لغة محلية يتحدث بها 567 قبيلة متناثرة في أرض المليون ميل .
4- الظلم الممتد منذ 1956 في توزيع الموارد الطبيعية وكان طبيعيا أن ينتج هذا المؤروث من الظلم والتهميش .

والتغييب الآتي :
أ‌) عدم الاستقرار السياسي . ديمقراطية ، انقلاب ، ديمقراطية .
ب‌) التدهور الاقتصادي المريع ممثلا في التفخم الاقتصادي على الرغم من سحب الثلاثة أصفار والرجوع إلى الجنيه السوداني لأن القيمة الشرائية هي نفسها ولم نرى حتى الآن تطورا إيجابيا يصب في مصلحة المواطن السوداني البسيط .
ت‌) الفساد الاجتماعي والأخلاقي الواسع والذي يصعب إجتثاثه دون التفكير الجدي في التغيير الاجتماعي والسياسي الشامل .
ث‌) التدهور في كافة مناحي الحياة الاجتماعية وفي التعليم والصحة وأمن المواطن في ظل انتشار أفراد الأمن في كافة الأرجاء في داخل السودان لإدخال الرعب والإرهاب للمواطن من أجل حماية أمن النظام وسادته .
في الاتفاق بين جبهة الشرق والذي يضم ( مؤتمر البجا – الأسود الحرة – وبعض الشخصيات المستقلة ) . وحكومة الوحدة الوطنية ( المؤتمر الوطني ذات الأغلبية في السلطة 52 % . لا بد من القول إنه إيجابي في ظاهرة لأنه أدى إلى :
1) وقف الاحتضان الدموي في بقعة عزيزة من بلادنا .
2) لبى الكثير من تطلعات شعبنا في اللامركزية في حماية الحكم ، مضافا إليه مناطق جبال النوبة وجنوب السودان و النيل الأزرق ( الأنقسنا ).
3) أسهم الاتفاق في مشاركة أبناء الشرق في إدارة شؤونهم في الحكم من خلال الأجهزة التشريعية والتنفيذية والشعبية .
4) الضغط السياسي والعسكري أجبر نظام الخرطوم في الاعتراف بالأخر والتعامل معه كالأنداد . على الرغم من أن عقلية الجبهة الإسلامية وساستها وسدنتها لم ولن تستطيع القبول بالآخر ، ودليلنا هنا اتفاقيات السلام الموقعة مع الحركة الشعبية والتماطل الظاهر في تنفيذها وبخاصته النزاع حول أبيبي كمثال . وبينها والتجمع الوطني الديمقراطي والذي في تقديري لم يتم تنفيذ 30 % منه حتى الآن ، ومن المفارقات عدم الاعتراف حتى بأن هنالك اتفاق تم بين التجمع والمؤتمر الوطني . رغم التظاهر باجتماعيات اللجنة الخماسية من كل طرف ، وفي هذا الجانب نتساءل أين القضايا المصيرية ؟ لنقل أهمها :
1- قومية الخدمة المدنية .
2- معالجة أوضاع جيش التجمع .
3- رفع المظالم ودفع الضرر .
4- معالجة أوضاع حيث التجمع .
5- القضايا الاقتصادية منها دفع التنمية والإنتاج بخطط علمية وواقعية .
6- المحاسبة لكل من أفسد منذ استقلال السودان في 1956 ، أو ساهم في الفساد الاجتماعي والاقتصادي .
هذه هي عقلية الجبهة الإسلامية والتي نجحت أولا في تفريق وحدة المعارضة بالاتفاقيات الجزئية (( الحركة الشعبية ، التجمع الوطني – حركة تحرير السودان - - مثى أركو ، جبهة الشرق .. هذا فضلا عن تجزئة حركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان وعقد الاتفاقيات الثنائية مع ضعاف النفوس بشراء دمهم واحدا تلو الأخر . ومن ثم تفريغ الجميع من محتوياتهم الفكرية والسياسية والعمل ضمنيا معها في جلباب المؤتمر الوطني المتسع ل نسبة 52 % من السلطة والثروة وبنسبة 100 % من شراء الذمم ..
فهل عقلية بمثل هذا المفهوم يقبل بالأخر ؟؟! هل مثل هذه العقلية تقبل لوحدة السودان ، وبالديمقراطية كأساس للحل المقبول والمرضي لكافة جماهير شعبنا ؟؟!!
بالطبع لا وألف لا !!
وأكثر المتفائلين يقول أنه ومن خلال ممارسة الصراع السياسي يمكننا أن نلقى الهزيمة بنظام الجبهة الإسلامية ونستعيد الديمقراطية كاملة ونقوم بحمايتها و و ....
نتساءل كيف يتم ذلك والمعارضة حتى اليوم لم تجتمع على شيء سوى التطبيل والهتاف الأجوف سوى قليلة لا تؤثر مطلقا في جدار المؤتمر الوطني ( ج . إ . ق )المخترق لأن نسبة 52 % من السلطة هي الواقي الذي جلبناه من الخارج لحماية جسد النظام من أي داء وعوز وفقر ..
أود أن أتطرف إلى اتفاق الشرق وبإيجاز :
· تم الاتفاق والتوقيع عليه في 24 أكتوبر 2006 ، وقرار العودة في 27 أغسطس 2007 ، نعم .. كما ذكرت سابقا بأن الاتفاق لي في ظاهرة تطلعات أهل الشرق في إدارة شؤونهم بأنفسهم لكن في الخوض داخله نجد العديد من المفارقات التي تساعد نظام الخرطوم في توسيع دائرة نفوذه في شرق السودان وذلك من خلال :

(1) شكل الحكم والسلطة :

تم الاتفاق أن يكون لجبهة الشـــــــــرق .
(1) مساعد لرئيس الجــــــمهورية .
(2) مستشار لرئيس الجمــــهورية .
(3) وزير دولة في مجلس الوزراء .
الظاهر أنها ثلاثة حقائب سيادية ، ولكن هل هي كافية لتطوير العمل الإداري في خلال مليون ميل ؟؟ وهل يمكننا أن نسمي هذا توزيعا عادلا للسلطة خاصة في الجانب الرئاسي والسيادي ؟؟ وما هي مبادئ التوزيع العادل في حين أن المؤتمر الوطني ( ج . إ . ق ) وحده له 52 % من السلطة والتي جعلته يتبختر شمالا ويمينا .
في تقديري أن التوزيع العادل يجب أن يكون بالواقع الجغرافي أي المساحة الكلية للمنطقة مضافا إليها عدد السكان وهنا نجد أن العدالة في التوزيع هذا فضلا عن المساحة الكلية والموارد الكامنة في باطن الأرض والإمكانيات خارجه .
* الشرق يدار بمجلس تنسيق للولايات الشرقية ( بورتسودان ، كسلا القضاريف ) . هذا جدي وعملي و يتيح المراقبة والتخطيط والتنفيذ للمشروعات المراد إنجازها من أجل المواطن .. لكن في الواقع نجد أن الولاء الثلاثة بمجلس التنسيق هم مؤتمر وطني أتسائل أين كادر جبهة الشرق ؟؟ ولماذا تمت الموافقة على هذا الأساسي الإداري ؟؟ ولماذا لم يتم التعامل مثل ما تم في نيفاشا بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ؟؟ وأين العدالة في التوزيع ؟؟ وهل جبهة الشرق حملت السلاح ومارسه المعارضة من أجل التطبيل في نهاية المطاف للمؤتمر الوطني ( ج.أ.ق ) ؟؟ والكثير من الأسئلة التي يمكن طرحها في هذا الحير .
والمفارقة في نواب الولاء فنجد أن :
- نائب البحر الأحمر ( بورتسودان ) يتبع للمؤتمر الوطني .
- نائب كسلا .
- نائب القضاريف .
1) هذا يعني أن المجلس التنسيقي للولايات غالبية مؤتمر وطني .
3) ولاء زائدا (1) نائب والي .
2) تغيب للقبائل الرئيسية مثل : ( البشايرين .. إلخ .. وهي قبائل وطنية وتاريخها غارس في جوف الأرض .

· خمسة مستشارين فقط للإقليم الشرقي ذو الـ 4 مليون نسمة فيهم مستشار واحد لولاية الخرطوم ، إضافة إلى وزير ولائي واحد في ولاية البحر الأحمر ( بورتسودان ) .
· 9 معتمديات من أصل 20 معتمدية لكل الشرق وزعت وفق المعايير السابقة والتي كما ذكرنا تكرس السلطة كاملة في أيدي القبائل الصغير فضلا عن المؤتمر الوطني ذو الأغلبية الميكانيكية حسب ما ورد في إتفاقية نيفاشا والتي أصبحت مرجعية سياسية ومفهمية لكل الاتفاقيات اللاحقة .
· نتساءل لماذا تم تغيب قبيلة المساليت والتي تعد من أكبر القبائل في منطقة القضارف ؟؟ ولماذا لم يكرموا بنائب للوالي ؟ وأين جبهة الشرق بجحافلها السياسية والإدارية والعسكرية من اتفاق الشرق ؟؟ فإذا تم الاتفاق على السلطة يعلمها وبوجودها تبقى الطامة الكبرى !!
وإذا وافقوا على غرة عليهم السلام ونبدأ معركة جديدة نسمها معركة حق تقدير مصير إنسان شرق السودان ..

ثانيا / التوزيع العادل للثروة :
1- معلوم لجميع أهل السودان ، الثروات الطائلة التي تتمتع بها جبال البحر الأحمر وهي تعد بمثابة الكنوز والتي نستطيع أن نغير بها وبكافة السودان إلى مصاف الدول العظمى وهي أي تلك الكنوز تشمل كل ما يخطر على بال منها ( الذهب – الكروم – الحديد – النحاس – المنجنيز – الخ ....... هذا فضلا على البترول والغاز الطبيعي والثروة السمكية المهولة والمناطق السياحية التي لا توجد مثيلا لها في العالم ....
2- يوجد بالإقليم مواني بورتسودان وسواكن وهما يعدان البوابة الوحيدة للملاحة البحرية في بلادنا .
3- يوجد مصفى البترول .

لا أعلم هل دخل مفاوضي جبهة الشرق بالآليات (1) و (2) و(3) كمدخل للتوزيع العادل للثروة أم لا !!
والمؤشر بعد الاتفاق والتوقيع النهائي يؤكد بأن الغلية في التفاوض كان لمصلحة المؤتمر الوطني ( حكومة الوحدة الوطنية ) .. لأن كل ما سبق تم اعتبارها ثروة قومية للشرق مثله وباقي المناطق نصيبا فيها .. هذا جيد ومقبول ونحن مع الحفاظ على الثروات القومية . لكن لابد من :
1) تحديد نصيب الشرق من نسبة الثروات الطبيعية الموجودة به مثله ومثل جنوب السودان . لأن جنوب السودان له حق محدد في البترول والثروات الأخرى .
2) يكون للإقليم الشرقي الحق في ادارة الثروات الطبيعية والمصادر المالية الأخرى التي توجد فيه ، هذا في إطار قومية الثروات الطبيعية في السودان عموما .
ومن ثم بنداء التوزيع من خلال صندوق تنمية الشرق عوضا عن الثروة .. وبافتراض أن حجة المؤتمر الوطني في التفاوض كانت هي الأقوى في موضوع الثروة الطبيعية وغيرها .. لماذا القبول من جانب مفاوضي جبهة الشرق على : أن تكون إدارة صندوق تنمية الشرق كما يلي :
- وزير المالية الوطني ، وهو من المؤتمر الوطني .
- الولاء الثلاثة بالإقليم الثلاثة من المؤتمر الوطني .
- وزراء المالية بالولايات الثلاثة بالإقليم وهم أيضا مؤتمر وطني .
- جبهة الشرق ممثله فقط بثلاثة أعضاء .. هل هذا فعلا يمثل التوزيع العادل للثروة .
- تم الوعد يدعم الاقليم الشرقي بـ 100 مليون دولار دعم مركزي .
100 مليون دعم سنوي ..
ماذا يكفي هذا المبلغ الوضيع .. هل يتم صرفه في التعليم أم الصحة أم إعادة الإعمار والإعمار الآدمي أم يصرف في توفير الماء الصحي والكهرباء أم يصرف في العمل الاداري والوظيفي لحكومة الإقليم علما بأن الاقليم الشرقي رغم ثرواته وموارده مغيب ومهمش تماما منذ الإستقلال في 1956 .
= في نهاية المطاف يمكن القول بأن النسبة في السلطة مجتمعة في يد المؤتمر الصحفي ، أما مجال الثروة وعدالة توزيعها فهي صفر ولا تضي بـ 2 % من حوجة الشرق من التنمية الاجتماعية والبشرية .
= الواجب المناط من حكومة الاقليم الشرقي والحكومة المركزية هو تأهيل وإعادة تأهيل الكادر القيادي في شرق السودان وفي كافة الأصعدة في الجانب التنفيذي – التشريعي – السياسي – الاداري – الثقافي – الفكري .
= كل ما تم في الإتفاق علينا أن نعتبرها وعود تضليلية من جانب قرب الأغلبية ومرجعيا في ذلك .. نيفاشا وإتفاق القاهرة واتفاق أبوجا .
= هدفنا الرئيسي هو تحقيق العدل والمساواة بواعز من خمير وطني حر وديمقراطي يساعد في تنمية مقدرات الكوادر المنتشرة في بقاع الأرض والمتواجدة داخل ربوع الوطن ويسهم مباشرة في تنمية الموارد الظاهرة والموجودة في باطن الأرض من اجل رفعة الشأن السوداني ليكون في مصاف الدول المتقدمة في المحيط الإقليمي والدولي . والعدالى لا تتحقق إلا في مراعاة الوجود السكاني في المنطقة أو الإقليم المحدد .
= مبدئنا هو الاعتراف بالتنوع الأثني والديني والثقافي في السودان بإعتبار أن الإعتراف بهذه الأبعاد هو أساس للتوصل إلى الإستقرار السياسي والتعايش السلمي في إطار وحدة الوطن .
= هدفنا هو إنهاء كافة أنواع الإضطهاد من ظلم وتهميش وإستلاب ثقافي .
عزيزي القارئ .
طرحت عرضا مسإلة حق تقرير المصير لشعوب شرق السودان ولأهمية الموضوع سأتناولها في مقالة مفصلة محددا الجوانب الإيجابية ومعددا سلبياتها في حال عدم الإقرار بها كحق إنساني معترف به من أعلى هيئة تهتم بالإنسان ألا وهي الأمم المتحدة .

عبده إدريس محمد عمر

No comments: